حكاية الأخوات ساذرلاند السبعةقصة أغرب من الخيال ، أول عارضات بالمعنى الحقيقي في التاريخ الأمريكي تساءلت مرارا عن عقلية الإنسان القديم خصوصا في العصور الوسطى ، و واثقة أجبت نفسي بأننا بالتأكيد الأذكى و عصرنا هو الأفضل ، و لكن يبدو أن حكمي كان سطحيا مجحفا بحق هؤلاء ، فلو وضعنا نصب أعيننا تقليعات ذلك الزمان و صرعاته لوجدنا الجميع يسير على نفس النهج كالدواب المسيرة و لن أدعي أنني خبيرة في هذا العصر أو ذاك ، و لكن أستطيع أن أضرب مثلا واحدا يعتبر سطحيا أيضا فلو أمعنا النظر في صور و جداريات و لوحات تلك العصور لوجدناهم يتبعون نفس تسريحة الشعر و نفس تصاميم الملابس في الحقبة الواحدة ، و لو عدنا إلى أنفسنا لعقد مقارنة عادلة لوجدنا أننا تفوقنا على إنسان القرون الوسطى بملابس عصرية و ملونة و أنهم تفوقوا علينا في التحشم و احترام الذوق العام والانسياق وراء ما هو مقبول في ذلك العصر ، فلا نجد إناثا صلعا ، أو وجوها مثقوبة ، و لا ملابس تخلو من الحياء .
في أواخر القرن التاسع عشر ظهرت الأخوات ساذرلاند السبعة كمروجات للموضة بعروضهن الحية ، اعتادت الفتيات على سدل شعورهن لتصل الأرض ، كما كانت تفعل روبانزل في الحكاية الشعبية الألمانية للأخوين غريم ، اعتمادا على سيرتهن هن أول عارضات حقيقيات في الولايات المتحدة عرفن بالأخوات ساذرلاند السبع و اللاتي ملكن شعرا بطول 37 قدما ، وهن بالترتيب كالآتي : سارة 1851 ، فيكتوريا 1853 ، إيزابيلا 1855 ، غريس 1859 ، ناعومي 1861 ، دورا 1863 ، ماري 1865 ساذرلاند ، غنين و عزفن على الآلات الموسيقية ، لكن فعليا لا أحد كان يهتم بعزفهن وغنائهن ، فالجمهور كان يتوافد من أجل إلقاء نظرة عن كثب على شعرهن الأسطوري الساحر الأنثوي .
إعلان يعرض أداء الأخوات ساذرلاند و مدى طول شعرهن التباهي بهذا الشعر الرائع على المسرح لم يكن كافيا لإخراج عائلة ساذرلاند من الفقر المدقع إلى الغنى ؛ لذلك قام والد الأخوات القس فليتشر ساذرلاند بالحصول على براءة اختراع لمنشط للشعر ، و لأن النساء الفكتوريات أردن الحصول على أسرار شعر الأخوات ساذرلاند الفاتن فقد تدفق المال و ازداد ثراء العائلة كما أن الأخوات تصدرن الصفحات الرئيسية جنبا إلى جنب مع القضايا السياسية الجدية ، و المشاهير ذوي الثراء الفاحش ، و في منتصف 1880 لم تستطع أي من الأخوات أن تمشي في الشارع بخصلات شعرها الطويلة دون تقاطر المعجبين ورائها .
قصتهن لا علاقة لها بسندريلا هي أقرب لحكايات ألف ليلة و ليلة ،عاشت الشقيقات حياة كادحة في تربية الديوك الرومية في مزرعة العائلة التي تقع في ( كامبريا ، نيويورك ) ، رعين الديوك الرومية حافيات الأقدام بملابس رثة بالية و ما زاد الطين بلة أن أمهن ماري كانت تغطي شعورهن بمادة كريهة الرائحة اعتقادا منها أنه يجعله ينمو سميكا و قويا فـَنُبِذت الفتيات من قبل زملائهن لرائحتهن الكريهة ، و كانت الفتيات ذوات الجدائل السميكة يختبئن حرجا بين الحشائش الطويلة عند اقتراب الزوار من كوخهن الخشبي .
في الوقت نفسه شغل الوالد الكسول فليتشر ساذرلاند نفسه بالتبشير و التسييس ، لقد كان فليتشر واعظا و سياسيا و مخترعا و كاتبا و رجلا عذب الحديث ظاهرا في كل المحافل ، عمل فليتشر مرة من أجل الرئيس جيمس بوكانان و كاد أن يقتل لمعارضته للحرب الأهلية ، أُسست المزرعة من قبل جدهم العقيد أندرو ساذرلاند و الذي ثُمنت جهوده لدوره في الحرب عام 1812
في تلك المزرعة الريفية البسيطة أغلب الظن أن عائلة ساذرلاند لم تمتلك أدنى فكرة بأن البلاد كانت على حافة ثورة صناعية هائلة بقيادة رجال الأعمال في بوفالو ، و شلالات نياغرا ، ليكونوا بذلك قريبين من مراكز الاختراع و الطاقة الكهربائية على بعد 20 ميلا من بلدتهم . كانت لدى فليتشر دائما آمال كبيرة لأولاده ، أكبر من حياة تتجه لتربية الديكة الرومية ، فعندما كانوا صغارا بدأ بعرض قدرات بناته في الغناء في الكنيسة .
الأخوات ساذرلاند السبعة يتموضعن في صورة بطريقة تظهر بأن شعرهن يصل إلى الأرض ، حتى لو تطلبت الصورة الانحناء و القرفصة .!!!
توفيت والدة الفتيات عام 1867 و كانت لا تزال الأخت الصغرى ماري تتدرج في خطواتها الأولى ، فأطلق حينئذ سراح الأخوات من الزيت كريه الرائحة بعد وفاتها ، و كان فليتشر أكثر تصميما على متابعة أحلامه من شهرة و ثروة من خلال استغلال أطفاله من بينهم شقيق الفتيات الوحيد تشارلز ، بدئوا بالتقاط الآلات الموسيقية للقيام بجولات في الكنائس و المعارض و المسارح العامة ، حول منطقة نياغرا باسم " فرقة ساذرلاند من الأخوات السبع و الأخ الأحد " ، و في سن الثالثة عشرة تلقت الأخت الخامسة ناعومي خاصة إعجاب الجمهور بغنائها و صوتها السلس المعسول الرقيق و شعرها الطويل إلى الخصر و حصلت أيضا على تعليقات إيجابية من جريدة روتشستر و ألبيتون . وُصفت الأخوات بـ ( العجائب السبعة ) و أصبحن الآن يؤدين عرضهن بدون أخيهن تشارلز و وصلن إلى مدينة نيويورك أوائل شهر ديسمبر عام 1880 حيث أثرن الإعجاب بأدائهن و خصلات شعرهن عندما ظهرن في عرضهن الأول في برادوي .
في صيف عام 1881 نقلت الأخوات ساذرلاند عروضهن إلى الطرقات بقيامهن بجولات في الجنوب و توجهن إلى مدن مثل ( بينساكولا ، فلوريدا ) و ( موبايل ، ألباما ) و ( نيوأورلانز ) قبل أن يصلن إلى المعرض العالمي الأول في الجنوب و المعرض الدولي للقطن في ( أتلانتا ، جورجيا ) في خريف 1881، في كل مكان ذهبن إليه كانت الجماهير تطلق هتافات لاهثة بصوت مسموع عندما تبدأ الفتيات الشابات بإطلاق العنان لأنفسهن فيتألقن تحت الأضواء البراقة .
أما نساء العصر الفكتوري فقد طمحن بالحصول على شعر جميل ، ففي ذلك الوقت كانت الأمراض و الأدوية السيئة منتشرة مما تسبب في سقوط شعر النساء و الرجال على حد سواء ، لذلك أصبح الشعر الطويل و السميك رمزا للجمال و الأنوثة ، و عزز ذلك نظرية الغرب من امتلاك قوى سحرية لصاحبات الشعر الطويل وفقا لأساطير عظماء الأدب في ذلك الوقت أمثال براوننج ، ديكنز ، ثاكيراي ، و بيتس .
من اليسار : سارة ، ناعومي ، فليتشر ، غريس ، فيكتوريا ، دورا ، ماري ، ايزابيلا .إعلان يعرض أداء الأخوات ساذرلاند و مدى طول شعرهن
التباهي بهذا الشعر الرائع على المسرح لم يكن كافيا لإخراج عائلة ساذرلاند من الفقر المدقع إلى الغنى ؛ لذلك قام والد الأخوات القس فليتشر ساذرلاند بالحصول على براءة اختراع لمنشط للشعر ، و لأن النساء الفكتوريات أردن الحصول على أسرار شعر الأخوات ساذرلاند الفاتن فقد تدفق المال و ازداد ثراء العائلة كما أن الأخوات تصدرن الصفحات الرئيسية جنبا إلى جنب مع القضايا السياسية الجدية ، و المشاهير ذوي الثراء الفاحش ، و في منتصف 1880 لم تستطع أي من الأخوات أن تمشي في الشارع بخصلات شعرها الطويلة دون تقاطر المعجبين ورائها .
قصتهن لا علاقة لها بسندريلا هي أقرب لحكايات ألف ليلة و ليلة ،عاشت الشقيقات حياة كادحة في تربية الديوك الرومية في مزرعة العائلة التي تقع في ( كامبريا ، نيويورك ) ، رعين الديوك الرومية حافيات الأقدام بملابس رثة بالية و ما زاد الطين بلة أن أمهن ماري كانت تغطي شعورهن بمادة كريهة الرائحة اعتقادا منها أنه يجعله ينمو سميكا و قويا فـَنُبِذت الفتيات من قبل زملائهن لرائحتهن الكريهة ، و كانت الفتيات ذوات الجدائل السميكة يختبئن حرجا بين الحشائش الطويلة عند اقتراب الزوار من كوخهن الخشبي .
في الوقت نفسه شغل الوالد الكسول فليتشر ساذرلاند نفسه بالتبشير و التسييس ، لقد كان فليتشر واعظا و سياسيا و مخترعا و كاتبا و رجلا عذب الحديث ظاهرا في كل المحافل ، عمل فليتشر مرة من أجل الرئيس جيمس بوكانان و كاد أن يقتل لمعارضته للحرب الأهلية ، أُسست المزرعة من قبل جدهم العقيد أندرو ساذرلاند و الذي ثُمنت جهوده لدوره في الحرب عام 1812
في تلك المزرعة الريفية البسيطة أغلب الظن أن عائلة ساذرلاند لم تمتلك أدنى فكرة بأن البلاد كانت على حافة ثورة صناعية هائلة بقيادة رجال الأعمال في بوفالو ، و شلالات نياغرا ، ليكونوا بذلك قريبين من مراكز الاختراع و الطاقة الكهربائية على بعد 20 ميلا من بلدتهم . كانت لدى فليتشر دائما آمال كبيرة لأولاده ، أكبر من حياة تتجه لتربية الديكة الرومية ، فعندما كانوا صغارا بدأ بعرض قدرات بناته في الغناء في الكنيسة .
الأخوات ساذرلاند السبعة يتموضعن في صورة بطريقة تظهر بأن شعرهن يصل إلى الأرض ، حتى لو تطلبت الصورة الانحناء و القرفصة .
توفيت والدة الفتيات عام 1867 و كانت لا تزال الأخت الصغرى ماري تتدرج في خطواتها الأولى ، فأطلق حينئذ سراح الأخوات من الزيت كريه الرائحة بعد وفاتها ، و كان فليتشر أكثر تصميما على متابعة أحلامه من شهرة و ثروة من خلال استغلال أطفاله من بينهم شقيق الفتيات الوحيد تشارلز ، بدئوا بالتقاط الآلات الموسيقية للقيام بجولات في الكنائس و المعارض و المسارح العامة ، حول منطقة نياغرا باسم " فرقة ساذرلاند من الأخوات السبع و الأخ الأحد " ، و في سن الثالثة عشرة تلقت الأخت الخامسة ناعومي خاصة إعجاب الجمهور بغنائها و صوتها السلس المعسول الرقيق و شعرها الطويل إلى الخصر و حصلت أيضا على تعليقات إيجابية من جريدة روتشستر و ألبيتون . وُصفت الأخوات بـ ( العجائب السبعة ) و أصبحن الآن يؤدين عرضهن بدون أخيهن تشارلز و وصلن إلى مدينة نيويورك أوائل شهر ديسمبر عام 1880 حيث أثرن الإعجاب بأدائهن و خصلات شعرهن عندما ظهرن في عرضهن الأول في برادوي .
في صيف عام 1881 نقلت الأخوات ساذرلاند عروضهن إلى الطرقات بقيامهن بجولات في الجنوب و توجهن إلى مدن مثل ( بينساكولا ، فلوريدا ) و ( موبايل ، ألباما ) و ( نيوأورلانز ) قبل أن يصلن إلى المعرض العالمي الأول في الجنوب و المعرض الدولي للقطن في ( أتلانتا ، جورجيا ) في خريف 1881، في كل مكان ذهبن إليه كانت الجماهير تطلق هتافات لاهثة بصوت مسموع عندما تبدأ الفتيات الشابات بإطلاق العنان لأنفسهن فيتألقن تحت الأضواء البراقة .
أما نساء العصر الفكتوري فقد طمحن بالحصول على شعر جميل ، ففي ذلك الوقت كانت الأمراض و الأدوية السيئة منتشرة مما تسبب في سقوط شعر النساء و الرجال على حد سواء ، لذلك أصبح الشعر الطويل و السميك رمزا للجمال و الأنوثة ، و عزز ذلك نظرية الغرب من امتلاك قوى سحرية لصاحبات الشعر الطويل وفقا لأساطير عظماء الأدب في ذلك الوقت أمثال براوننج ، ديكنز ، ثاكيراي ، و بيتس .
من اليسار : سارة ، ناعومي ، فليتشر ، غريس ، فيكتوريا ، دورا ، ماري ، ايزابيلا .
امتلكت سارة الأخت الكبرى شعرا مجعدا بمقدار 3 أقدام ، كان شعرها الأقصر في المجموعة ، كانت سارة عادة تجلس عندما تستعد الشقيقات لالتقاط صورة والأخريات يملن بخصورهن و هكذا تبدو كل الأخوات السبعة بأن لديهن شعرا يغطي الأرض . أما ضفيرة ناعومي فبلغ سمكها أربع إنشات و عندما تفكه تستطيع أن تغطي جميع جسدها بشعرها الرائع بلغ طوله 5.5 قدما ، أما ماري أصغرهن كانت مختلة عقليا طوال عمرها و بعض الأطباء و و رجال الدين ألقوا اللوم على شعرها الداكن البالغ طوله 6 أقدام .
الى اليسار الاخت الكبرى سارة صاحبة اقصر شعر في المجموعة وأصبحت فيما بعد قائدة المجموعة إلى اليمين الأخت الثانية فكتوريا صاحبة أطول شعر بطول 7 أقدام وكانت معروفة بالتبذير!..بطول 7 أقدام وكانت معروفة بالتبذير
و بغض النظر عن شعرهن الذي يُفقِد الصواب حاول بعض المعجبين الحسودين في بعض المرات قصه و سرقته من منطلق ديني متصوف فالعدد 7 يعتبر عددا انجيليا مقدسا ، وكلاء و رجال أعمال و أصحاب السلطة طرقوا أبواب الشقيقات من أجل عروض مسرحية منوعة و عروض أخرى للسيرك المتجول ، في عام 1882 وقعت الشقيقات عقدا لجولة مع (عرض كولز الهائل ) ، و في عام 1884 انضمت الأخوات إلى عرض (بارنوم و بيلي العظيم ) كن يُستخدمن كعرض جذب جانبي ، أستاذ التربية الرياضية بارنوم نفسه أطلق عليهن " عجائب الدنيا السبع الأكثر إرضاء في العالم " و أكد براندون ستيكني و هو صحفي شمال ولاية نيويوك و الذي نشر كتاب في عام 2012 بعنوان :
(the amazing seven Sutherland sisters : A biography of America’s first celebrity models)يوضح أن لكل أخت في هذه العائلة شخصية متميزة ، فالأخت الكبرى سارة كان الكتاب المقدس ذو الغطاء الجلدي رفيقها الدائم ، استخدمت موهبتها في العزف المنفرد و عزف البيانو لتصبح معلمة موسيقى مُبجلة . أما فكتوريا الشقيقة الثانية كانت كثيرا ما تتفاخر بالماس في أصابعها، و بالذهب حول رقبتها مع عيون داكنة كعيني أخيها الأصغر تشارلز ، و ايزابيلا الأخت الثالثة صوتها صادح غني ، شاعرة ، حالمة .
الى اليسار ايزابيلا تزوجت مرتين برجال أصغر منها ، الى اليمين الأخت الرابعة غريس الأطول عمرا و هي من أدارت أعمال العائلة غريس الأخت الرابعة مغنية بدرجات صوت عالية كانت الأفضل في التواصل ، و كانت تدير معظم الأعمال و المراسلات الشخصية. ناعومي الأخت الخامسة تكتسي وجهها ابتسامة ماكرة ذات رونق و أنف روماني في وجهها الممتلئ ، لها جاذبية خاصة ، فكانت الأكثر إذهالا من بين أخواتها . دورا الأخت السادسة كان تمتلك وجها حالما كفتيات اللوحات الجدارية في القرن التاسع عشر و أنفا أذلفا ( صغير مستوي الأطراف ) و وجه عاطفي عبوس بإمكانه إذابة أي قلب .
الى اليسار ناعومي الأخت الخامسة امتلكت اسمك شعر والتي كانت باستطاعتها لفه حول كامل جسدها أنجبت 3 أطفال و توفيت في سن صغيرة الى اليمين دورا الأخت السادسة دورا عرفت بأنها الأخت الأظرف في المجموعة ماري الأخت السابعة امتلكت عينين عميقتين ، و شفاة ممتلئة ملحوظة ، كان من الأفضل في بعض الأحيان التفاهم معها من بعيد ، موهبتها العابرة على المسرح الغناء و لم يكن من الممكن الاعتماد عليها فيه و كانت تأتيها الكثير من نوبات الغضب المحيرة .
بالرغم من أن الأخوات كن ضمن فرقة بارنوم و بيلي لكنهن ابتعدن عن نزوات السيرك التي كانت مرفوضة من المجتمع المهذب حينها ، فترفعن عن الترهات و التصرفات المشينة ، و انخرطن بالقصص المبوبة ، و موسيقى الكنيسة ، و الرسم في الغرف ، و الأغاني ، و اعتبرت الطبقة المتوسطة الأمريكية عرضهن بالوقور الجليل المثقف .
الى اليسار الأخت الصغرى ماري و التي كانت الأقل موهبة بينهن وغير مستقرة عقليا الى اليمين القس فليتشر ساذرلاند الأب الذي استغل شهرة بناته و جلب الغنى لهن باختراع مستحضر انبات الشعرمن الواضح أن النجاح أصبح يتفلت هاربا من الأخوات و أصبح مدخول المسرح غير كاف بالنسبة لفليتشر الذي بدأت فكرة منتج منشط للشعر تلمع في رأسه سنة 1882 و اعتمادا على آخر وصفات الأم ماري كريهة الرائحة قبل وفاتها ادعى أنه اخترع علاجا لمنع الصلع و من الممكن أنها كانت خدعة أراد بها الاستفادة و استثمار شعر بناته المذهل. في عام 1883 ظهرت أول علامة تجارية لشركة الأخوات ساذرلاند السبعة التي أسسها فليتشر بعد أن تشارك مع هاري بيلي قريب مدير السيرك جيمس بيلي و الذي كان أيضا معجبا بـ ناعومي ، كان المنتج من أجل إنبات الشعر و تم العمل على تسويقه ، في هذه الأثناء أرسل فليتشر المنتج لصيدلي في ( كينيكت، أوهايو ) ، و في عام 1884 قام تحليله كيميائيا و شهد أنه يخلو من أية مواد ضارة ، و أنه أفضل منتج للشعر ، و صادق على ذلك . و بحلول نهاية هذه السنة كانت مؤسسة الأخوات ساذرلاند قد حصلت على 90000 $ من المبيعات .
الغلاف الخارجي لعبوة إنبات الشعر للأخوات ساذرلاند السبعة في عام 1885 تزوج الثنائي هاري بيلي و ناعومي ساذرلاند و أنجبا 3 أطفال قبل وفاة ناعومي سنة 1893 ، و توفي فليتشر سنة 1888 فأصبحت الشقيقات من أصحاب الشركة التي توسعت لتشمل خطا كاملا من منتجات الشعر بما في ذلك منشط و مطهر لفروة الرأس و ثماني ظلال من الألوان ، و مستحضرات التجميل الأخرى مثل كريم الوجه .
اعلان لمنتج انبات الشعر لاخوات ساذرلاند السبعة كعلاج سحري للشفاء من الصلعلم يكن المنتج رخيصا كان سعره بين 50 و 1.50 $ للعبوة ، و يُقارن هذا السعر في هذه الأيام براتب أسبوع كامل للأمريكيين ، استهدف المنتج النساء من الطبقة االمتوسطة في المجتمع و عُنون المنتج بـ ( القس فليتشر ساذرلاند ) ، مما أعطى المنتج مصداقية أكبر ، مخطط التسويق الناجح و الدهاء أثريا المنتج . في مجتمع كهذا كان من المتوقع أن تكون المرأة ضعيفة أو أن تكون ربة منزل هشة ، لكن الأخوات ساذرلاند أثبتن أنفسهن كسيدات أعمال طموحات ، فقد طفقت مخيلتهن بشعارات إعلانية ذكية مثل : ( شعر المرأة تاج مجدها ) ، و ( تذكرن سيداتي ، إنه الشعر و ليست القبعة ما يجعلكن جميلات ) ، استمرت الأخوات بالسفر حول العالم لتعزيز منتجاتهن كموديلات شعر حية في واجهات مخازن الأدوية و ردهات الفنادق لساعات في وقت واحد لتجميع الحشود ، في نيويورك مثلا تجمع المعجبون و توالت الحشود حتى توقفت حركة المرور فمُنعن من عرض أنفسهن من خلال الواجهات هناك ، قدمت الأخوات نصائح تتعلق بالجمال و واكبن كل مستجدات موضة الشعر . افتتحت الشركة مكاتب في ( نيويورك ) و ( فيلادلفيا ) و ( شيكاغو) و ( تورنتو) و حتى (هافانا) و ( كوبا) ؛ لإدارة الشبكة الواسعة المكونة من 28000 من الوكلاء ، و الموزعين ، و التجار ، وبحلول عام 1890 باعت الأخوات 2.5 مليون عبوة من منتج إنبات الشعر وحده و جمعن أكثر من 3 ملايين دولار . و على الرغم أنه من الواضح أنهن كن يعتبرن رمزا للأنوثة إلا أن سارة و غريس و دورا و ماري لم يتزوجن أبدا ربما خوفا من أن يحاول الزوج السيطرة على ثرواتهن .
صورة لعبوة نادرة من منتجات الاخوات ساذرلاند لانبات الشعرحققت الأخوات نجاحا كبيرا حيث سيطرن على الصفحات الأولى من الجرائد حتى أنه تم تهميش بعض الرؤساء الأمريكيين ، أمثال "رذرفورد هايز "، و " ويليام هوارد تافت " ، كان كل ما فعلوه في الأخبار لسنوات التحدث عن شعرهن الذي جعل اسمهن مألوفا ، إضافة إلى القيل و القال ، عدا عن القصائد و النثر و المسرحيات التي عززت أسطورتهن ، و في ذروة شعبيتهن أصبحت التذكارات تجمع لهن ؛ كبرامج الحفلات ، و الصور ، و بطاقات الدعوة ، و البطاقات البريدية المؤطرة ، خصوصا إذا كانت موقعة من قبلهن ، الهوس للحصول على خصلات من شعرهن أصبح مخيفا أيضا ، قال أحد المعجبين : " لقد عرضت على فيكتوريا 2500 $ لتقص كامل شعرها لكنها رفضت ذلك العرض ، و باعت خصلة من شعرها لصائغ جواهر بـ 2500 $ ، عرض الصائغ الخصلة في واجهة متجره مع سبعة قيراطات من الماس ، و ليس من المفاجئ أن تكون الشهرة و الثراء المتزايد قد أثر على العائلة و الذي ظهر بطريقة الترف التي عشنها .
عام 1893 أزمعت الفتيات السبعة على العودة إلى المنزل للعيش معا ، و إقامة قصر هائل في ( كامبريا ، ريف نيويورك ) ، حيث كان بيت العائلة قائما ، أقيم منزل أحلامهن و مقر أعمالهن المكون من 14 غرفة ، فكان مثل قلعة أميرة مع برج ، و قبة ، و شرفة ، أما في الداخل فكان الضيوف يتمتعون بالأرضيات الخشبية الصلبة ، و الثريات و الكريستال الثقيل ، و خشب الجوز الأسود من حولهم ، كما ظهر أول حمام داخلي في كامبريا من الرخام مع مياه باردة و ساخنة ، استوردت الأسرة من أوروبا ، حتى غرف الخدم كانت فاخرة في العلية ، عُدت ركيزتهن المالية بالملايين في ذلك القرن ، وقد بذرن في الإنفاق ؛ كالخدم ، و الملابس ، و المجوهرات الراقية ، و الجولات العالمية ، و الخمر ، و العشاق . ظاهريا امتلكن مظهر المسيحيين المتعلمين اللائق ، و لكن خلف الأبواب الموصدة كانت هناك مثلثات حب ، و مشاكل داخلية ، تعاطي مخدرات ، و استثمارات مالية سيئة ، انتشرت أخبار طرائفهن و جموحهن و إفراطهن الزائد عن الحد ، فأصبحن حديث أهل نياغرا ، كما تكهن الناس أنهن يمارسن مهنة الروحانيات و السحر ، بالكاد استطاعت ناعومي التمتع بتلك الغنائم في حياتها الغريبة في القصر فقد طالتها يد الموت قبل سن الأربعين في عام 1893 ، وهو نفس العام الذي تم الانتهاء به من المنزل .
هزت وفاة ناعومي الأخوات حتى النخاع ، كانت الأسرة تعتزم استثمار 30000 $ في ضريح لكنه لم يُبنَ ، استمرت الأخوات بالجولات مع بارنوم حتى 1907 حيث قامت المجموعة باختبارات سريعة و فوقع الاختيار لبديلة ناعومي ، كانت امرأة من بنسلفانيا يبلغ طول شعرها 9 أقدام ، و تدعى بـ ( آنا لويز روبرتس ) ، أصبح الحزن أكبر بعد كل وفاة لاحقة في الأسرة ، حتى أنهن أنفقن 500 $ ليحصلن على جنازة كاملة ؛ من زهور ، و تابوت ، و غيرها عندما توفي كلبهن المحبوب .
صورة دعائية نمت من قبل فرقة بارنوم و بيلي من الممكن أن يكون الشاب في الصورة زوج ناعومي هاري بيلي أو أخيهن تشارلز..لكي تكمل الغرابة المحيطة بهن جاء نبيل فرنسي اسمه ( فريدريك كاستلمين ) للتقرب من الجميلة دورا و لكن انتهى به المطاف بأن تزوج فكتوريا التي تكبره بـ 10 أعوام ، كان غريب الأطوار ، مدمنا على الأفيون و المورفين ، و هوايته المستفزة هي إطلاق النار على العجلات الأمامية للعربات من شرفة منزل الأخوات ساذرلاند ، و رغم مهارته و دقته في إصابة الهدف المثيرة للإعجاب ، لم يكن الفلاحين المحليين سعداء بهذه المهارة ، و قد تخلص من استيائهم بدفع مبالغ مالية جيدة للمتضررين ، و في عام1897 بينما كانت الأخوات في إحدى جولاتهن قام فريدرك بالانتحار ، لم تملك الأخوت ما يحنطن به الجثة لذا فبدلا من ذلك وضعنها في صندوق زجاجي ، و بعد 10 أيام أصبحت الرائحة نفاذة و مزعجة ، فأجبر مسئولو الصحة المحليون العائلة على دفن الجثة في ضريحه في مقبرة ( غلينوود في لكبورت ) ، هناك انتهى المطاف بمعظمهن حين توفين ، لم تستطع إيزابيلا تجاوز موت زوجها ، و لمدة عامين كانت تزور قبره كل ليلة لتكلمه حتى قابلت ( ألونزو سوين ) الزوج الثاني الأصغر عمرا .
معظم الأخوات دفن بالقرب من ضريح كاستيلمين في مقبرة غلينوود ، لكبورت ، نيويورك..تزوجت فكتوريا أخيرا من شاب يبلغ من العمر 19 عاما ، و كانت تبلغ الخمسين آن ذاك ، مما أغضب أخواتها اللواتي طردنها ، و أخرجنها من القصر ، و نبذنها لبقية حياتها القصيرة ، فقد وافتها المنية في 53 من عمرها سنة 1902 ، و تم التعاقد مع بديلة اسمها ( آنا هاني ) بشعر يبلغ 6 أقدام ، في الوقت نفسه ازدادت حالة ماري العقلية سوءا ، فأصبحت انطوائية ، و تصرفاتها عدائية لمن حولها ، و عندما أصبحت العائلة مهددة بخطر نوباتها قامت الأخوات بإحكام إغلاق غرفتها عليها ، توفيت قائدة الفرقة سارة عام 1919 و قامت العائلة مرة أخرى بالاحتفاظ بجثتها معروضة في المنزل ، و رفضن دفنها . جاء المسمار الأخير الذي دق نعش ازدهارهن ففي عام 1910 ظهرت امرأة متمردة على عصرها تدعى بـ ( فليبر ) قصت شعرها بطريقة قصيرة مذهلة ، فنما هذا الاتجاه ، و أصبح أكثر انتشارا ، و بالتالي انخفض شراء منتج إنبات الشعر الخاص بالأخوات .
توفيت ايزابيلا عام 1914 ، و تراجعت ثروة العائلة بسرعة ، فتوجهت النساء الثلاث الباقيات إلى ( لوس أنجلوس ) عام 1919 في محاولة يائسة لنشر قصتهن في هوليود ، لكن توفيت دورا في حادث سيارة أثناء رحلتهن ، في تلك المرحلة كانت ماري و غريس مفلسات حتى أنهن لم يمتلكن المال للحصول على بقايا شقيقتهن بعد حرق جثتها و لم يحصلن على بقاياها أبدا .
الأخوات ساذرلاند السبعة في أواخر العشرينات حتى منتصف الربعينات..بحلول1920 بقيت أختان على قيد الحياة ، حاولتا الحفاظ على خط منتجهن حيا في عصر لم يعد الشعر الطويل فيه مرغوبا حتى أنه كان يبعث على السخرية ؛ منها سخرية الرسام الكاريكاتوري ( جون هيلد ) بإطلاق اسم ( فتيات الأحلام في عصر مظلم ) عليهن ، و كن بالكاد يحصلن على قوت يومهن فاضطررن للتخلي عن قصرهن عام 1931 ، و في عام 1936 سار عمل الأختين بشكل جيد ، لكن النيران اشتعلت في ملكيتهن الفارغة عام 1938 و حرقت معها عدد لا نهائي من الأوراق ، و الوثائق التي تخصهن ، و من المحتمل أن الحريق أتى على وصفة إنبات الشعر ، و براءات الاختراع ، انتهى المطاف بماري في مصحة عقلية في ( بوفالو ) و توفيت هناك سنة 1939 ، أما غريس فتوفيت فقيرة معوزة في سن 92 عام 1946 ، و لم يكن لها مكان في ضريح كاستيلمن فدفنت في قبر غير معلم ، و هكذا تلاشت عجائب العناوين السبعة في العصر الفكتوري كأنها لم تكن .