توافد الناس مطالبين برؤية الطفل الشيطان ..لأكثر من شهر ونصف اكتظ ''هيل هاوس'' بأعداد كبيرة من الناس الوافدين عليه من كل مكان مطالبين برؤية 'الطفل الشيطان'. كان صيفا حارا في شيكاغو تلك السنة من عام 1913 لكن حرارة الطقس لم تكن تضاهي حرارة تدافع العشرات أمام البوابة الضخمة لهيل هاوس . يملؤهم الفضول لالقاء نظرة ولو من بعيد على ذلك الرضيع الذي تخلى عنه أبويه وفرا بعد ان شاهدا منظره المخيف .
انتشرت القصة بسرعة انتشار النار في الهشيم لتغزو مدينة شيكاغو وتصل إلى كامل أصقاع الولايات المتحدة الأمريكية. وباتت حديث الصغير قبل الكبير. أراد الجميع دون استثناء ان يروا الشيطان وقد تجسد في هيئة ''بشرية ''.
مبنى هيل هاوس .. كان نحسا على ساكنيه ..لكن ما هي حكاية هذا الطفل ؟ .. وما هي قصة هيل هاوس؟ .. على الرغم من أن بناء 'هيل هاوس' كان لأهداف نبيلة إلا أن هذا المبنى كان ملعونا على أصحابه منذ البداية. إذ بني المنزل في شارع هاستيد ستريت شيكاغو سنة 1856 على يد تاجر عقاري ثري يدعى شارلز هيل. كان منزلا عصريا ذو طابقين تحيط به الحدائق من كل جانب . احتل مساحة مائتي متر مربع في بدايته قبل أن تضاف له مبان أخرى فيما بعد. وقد تصور الجميع أنه المكان المثالي لعائلة 'هيل' للاستمتاع برفاهة العيش و جمال المدينة. غير أن الأمور جرت عكس المتوقع حيث ماتت زوجة شارلز بعد حوالي اربع سنوات من بناء المنزل تاركة له طفلين يرعاهما وحيدا. الا انه لم يمض اكثر من عقد من الزمن حتى مات الطفلين كذلك وهما بعمر الزهور تاركين ألما ووحدة في قلب ابيهما. لتتعمق مأساة شارلز الذي قرر ان يتخلى عن ''هيل هاوس'' لصالح المؤسسات الخيرية و ينتقل بعد ذلك للسكن في جزء آخر من المدينة.
لكن روح زوجته الميتة أبت إلا أن تلازم المنزل الذي ماتت فيه. فأحتلت اروقته وسكنت جدرانه. وإبان الحريق الهائل الذي شهدته مدينة شيكاغو سنة 1871 او ما كان يعرف ''بحريق شيكاغو العظيم'' والذي خلف مئات من القتلى وآلاف من المشردين. تزاحم الكثير منهم وخاصة الفقراء على هيل هاوس الذي نجا من الحريق ليتخذوا منه ملجأ وليجلبوا معهم المزيد من الأوبة والموت.
استعمل كجمعية خيرية ومركز اقامة ..بعد سنوات عديدة تحديدا سنة 1889 اشرفت كل من جاين ادامز و ايلان ستار على اعادة تهيئة المكان وتحويله الى جمعية خيرية ومركز اقامة و تعليم للمهاجرين الوافدين على الولايات المتحدة والذين كانوا في اغلبهم من اصول ايطالية وممن ينتمون الى الطبقة الوسطى. جمعهم ''هيل هاوس'' حيث كان المكان القادر على تهيأتهم للعيش والاندماج في المجتمع الامريكي .لاقت هذه البرامج نجاحا كبيرا واقبالا منقطع النظير ما جعل المشرفين يوسعون في المبنى الرئيسي بإلحاق مبان ثانوية قادرة على استيعاب المزيد. كانت البرامج تمضي بسلاسة ونجاح باهر تحت اشراف عالمة النفس والاجتماع جاين ادامز والتي تحصلت فيما بعد سنة 1931 على جائزة نوبل للسلام. قبل ان يتبدد هذا الهدوء في احد الايام من صيف 1913 حيث قدمت ثلاث سيدات ايطاليات وطلبن بكل إصرار رؤية ''الشيطان الرضيع''. كن متأكدات من وجوده. وأمام إنكار المسئولين في المبنى قدمت السيدات وصفا للرضيع الذي كان قادرا على الكلام رغم حداثة سنه . والذي كان , حسب كلامهن, مسخا مخيفا بأذنيه المدببتين وذيله الصغير ، وكانت هذه الرواية هي بداية الفيض البشري الذين توافد على هيل هاوس.
قرر ان يضعه امام مدخل هيل هاوس ..ولنتعرف على هذه القصة .. لنبدأ من بدايتها إذ تعددت الروايات حولها .. !!وسأروي لكم اكثر الروايات شيوعا. إذ تقول : " كان هنالك سيدة ملتزمة ودائبة العبادة بشكل دائم على العكس من زوجها السكير والقاسي. كانت المرأة تعاني من بطش زوجها وإلحاده الكبير. إلى درجة انه مزق صورة العذراء مريم من على حائط إحدى الغرف دون أن يرأف بدموع زوجته. بل و قال لها انه يكره رؤية هذه الصورة وانم على استعداد للعيش مع الشيطان نفسه على أن يتقاسم غرفته مع هذه "الصورة البشعة".
وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة في تلك الليلة فبعد تسعة اشهر أنجبت زوجته طفلا. لكن هذا الطفل لم يشبه غيره من الاطفال او بني البشر. كان طفلا بشعا ومشوها بملامح تشبه ملامح الشيطان إلى درجة لم تستطع معها الأم المكلومة ان تتحمل رؤية ملامح ابنها ففارقت الحياة بعد ساعات من الولادة. بقي الأب حائرا في مصير هذا المخلوق البشع حينها قرر ان يضعه امام مدخل هيل هاوس . ويقال ان العاملات في هيل هاوس تحفظن على هذا المسخ الصغير حتى كبر قليلا حينها قررن تعميده لتخليصه من الروح الشيطانية التي تسكنه. لكنه أبى ذلك فتم سجنه في قبو هيل هاوس ولم يعرف بعدها ماذا حل به. عدا بعض الإشاعات التي زعمت ان ابن الشيطان مات في قبو هيل هاوس ودفن في مكان ما من المبنى.
ربما فيلم صبي الجحيم مأخوذ من قصة الطفل الشيطان ..بعد سنوات اضمحلت قصة الطفل الشيطان تدريجيا. غير ان الكثيرين ممن سكنوا هيل هاوس اكدوا انهم كانوا يسمعون باستمرار بكاء طفل قادم من القبو ومن الحديقة في ساعات متأخرة من الليل . فيما ادعى آخرون رؤية شبح السيدة هيل زوجة شارلز صاحب المنزل. واتفق الجميع على أن هيل هاوس هو احد أكثر الأماكن المسكونة في أمريكا.
سنة 2012 أغلقت نهائيا جمعية جاين ادامز وتحول هيل هاوس إلى متحف.
ختاما اقول ان قصة '' ابن الشيطان'' قد تكون بالاساس قصة طفل مشوه تكفلت الجمعية برعايته لفترة من الزمن او قد تكون مجرد خيال واسع غذته بعض المعتقدات الشعبية لتنسج قصة غريبة .. واترك لكم أعزائي القراء الحكم النهائي.